Translate

Monday 26 September 2011

العدل اساس الملك

محكمة
صوت يجلجل في القاعات معلنا” بدء المحاكمة يوهمك بأن العدل يعشعش في كل زاوية من زوايا البناء تخال نفسك محميا” مصانا” آمنا” بين يدي اناس يعبدون الضمير
تنظر إلى أعلى فترى الميزان مكتوب تحته <العدل أساس الملك>
فتبتهج نفسك وتحلق روحك عاليا” من البهجة التي تلفك ولكن بعض النظرات المحيطة بك تجعلك لبرهة تتوقف وتتساءل غير مصدقة لما ينتابك من احساس يظنونك لوهلة اما مجنونا واما مبهورا” بشيئ تراه للمرة الاولى
لان هذه النظرات لا تصدق ما تراه انت مكتوبا” فوق رأس المحكمة لان بالنفس تجارب حزينة غير مشجعة البتة على التفاؤل والأمل فثمة انباء تسللت من اركان هذا المكان بأن العدل فقد وبأن الضمير بيع في اسواق المال المشبوهة وبأن من يفترض به العدل قد ظَلَم وارتشى وباع الكرامة بفلس الجشع والارتهان وبأن القانون اليوم هو هو قانون الغاب الذي ساد العصور المظلمة فتغير الزمن وهو مازال على حاله نشطا” متينا” يزداد مناعة عبر السنين ليحصد ارواح الابرياء ويسلب معها كرامتهم
بأيدي من يفترض بهم حمايته
وترى جيش المحامين يتقدم لالتهام الضحايا التي وقعت بفعل ظلمة تحت ايديهم لينهشوا لحمها نيئا” ويرمونه للكلاب الضالة التي تعتاش على هؤلاء المساكين فتراهم متآلفين فيما بينهم متآمرين متفقين على ان يكون العدل عدلهم وحسب ما يرون وبأن لا تقوم قيامة البريئ الا بامرهم ورضاهم وهذا طبعا” بعد تحديد الثمن والهدية الكبرى لمن يستطيع الدفع وطبعا” هنا لا حاجة بنا لنعرف من المستفيد الظالم ام المظلوم
امام هذه النظرات خلت نفسي في كابوس فلم ارد ان اصدق ما ارى ولا ما احس اقنعت نفسي بأن ما اراه وهما” وبأن ما اسمعه وسوسة شيطان فلا زال العدل اساس الملك ولا زال الحق سيد الموقف ولا زال البريء
والمظلوم يتحصلان على حقوقهما في زمن الغدر والقتل والخيانة والمؤامرات
بقيت كذلك الى ان نودي على قضية جئت لاجلها مرغمة دفعت ثمنها غاليا” جدا” من حياتي وحاضري ومستقبلي بقيت آمل الى آخر لحظة بأن الاوهام التي راودتني وسوسة وبأن الطعنات التي احس بها في قلبي ما هي الا توتر من رهبة الموقف وبأن نظرات الحزن التي رُمِقت بها ساعة نودي على قضيتي من المحيطين بي ما هي الا اضغاث احلام تراءت لي نتيجة توتريبقيت آمل ان اُكَذِب ما احس به وقاومت ذلك الاحساس الرهيب بالغبن ان حصل ما تراءى لي واحسست باهتزاز قوي في القاعة ساعة النطق بالحكم
فاذا بالجدران تزلزل والارض تتمادى تحت قدمي واستحالت السماء ارضا” والارض سماء لشدة دوراني وتقلبي في مكاني وكل ذلك من هول ما سمعت فلقد قتلوا الحق في بيته واعدموه رميا” بالغدر والنفاق
ودفنوه تحت قبة العدل اساس الملك ليعلنوا بعد ذلك انتصارهم واحتفالهم وليقدموا لقوات الشر الانحناء العظيم وويعاهدوها على التنفيذ الغير مشروط لاجندتها
لاستفيق من صدمتي على قهقهاتها في المكان وزغردتها معلنة بدء صفحة جديدة من الالم والظلم صفحة مليئة بطعنات الماضي ووجع الحاضر وعدم ايمان بالمستقبل صفحة كتبت سطورها بسهري وعرقي ودمي وتضحيتي كي تشرق في حياتي وكي اُذكَر في نسماتها فإذ بها تكون ورقة نعيي انعي بها الحق المغدور والعدل المفقود ويرفع بها الظلم والغدر الى مرتبة الشرف لعقود مقبلة لن يعرف نهايتها فلربما سادت طويلا وتعود الناس رفقتها ونسيوا الحق والعدل المغدورين
صفحة علقت على باب مستقبل مقفلة الماضي والحاضر على د؛كريات لو كتب لها العيش لاصبحت مزامير تضاهي مزامير داوود في بلاغتها
مزامير فرح وتضحية ووفاء لو سطرت لمعانيها الحقيقية لازهرت ايمانا” وفرحا” ورجاء” بعالم جديد يسوده الحق والحب والاحترام.ولكن للاسف كلمة واحدة من رجل يفترض به ان يحكم بالعدل دمرت كل شيئ وقتلت كل الاحلام بغد افضل
زرعت في قلبي الحقد على مجتمع فاسد واناس فاسدين بدأ” من اقرب المقربين وصولا” الى من جلس تحت قدم العدل اساس المك ،طابور طويل كلهم حكموا ،كل بمنطقه وكل بقناعة لديه ان مافعله حق دون ان يكلفوا انفسهم بقراءة جدية لما بين ايديهم ولا اضاعوا دقيقة في التأكد من ادلتهم ولا حسبوا ان للشر ايادٍ طولى تستطيع ان تقلب الموازين ولا تمعنوا جيدا” بالوجوه ولا طلبوا وقتا” للمداولة مستعجلين على اصدار حكم الاعدام ببريئ اقلق مضجعهم فلم يستطيعوا التحديق كثيرا في عينه فاستعجلوا رحيله من امامهم
فصاحب القضية اقنع نفسه بانه يجب ان يعيش ويموت من يعارضه في ذلك فدفع الكثير من اجل ذلك وماسك دفاعها دافع عن حقه في حفنة من المال يقبضها ساعة النطق بالحكم ولا هم له سواها فلقد سارع الى التمسك بها قبل ان يستفيق الناس على هذه الهريمة وصولا” الى من يفترض به الحكم العادل ففضل قناعة مزيفة في ظرف كبير مذيل يحتوي اكاذيب وتزوير تكفي لحظة واحدة من انسان صادق ان ينظر اليه ليتبين ذلك ولكن كل ذلك ذهب مع الريح
وما جنى المظلوم والمح”دوع الا البكاء
وفجأة’ علت اصوات اقدام قوية تخالها اقدام خيالة في معركة الحق ليتراءى لي ان القادمين ما الا حماة المحكمة اتوا ليعلنوا انتهاء المسرحية ويسدلوا الستارة على اعظم مشهد للقتل المرخص له من اعلى سلطة
ولينعوا مقولة العدل اساس الملك ويستبدلوها بالفساد اساس الملك
فيأمرون الناس باخلاء القاعة وعدم الضجيج لان للقاعة حرمتها وقدسيتها وليتناسوا من داس حرمتها وهتك قدسيتها بقراره الظالم
لتصبح قناعتي بعد هذا المشهد وهذا السيناريو
ان العدل اختفى في ظروف غامضة ولن يعود قريبا”
وان الحق ابتلعه حوت المال الذي لا يرحم
وان الكرامة بيعت بمزاد الخيانة وتلونت بلونها
وان الشرف اصبح في زمن الغلا برخص الفجل
وبان السيادة في هذا العالم لمن هو غادر حاقد خائن زان قاتل مدمر
وان لا مكان لمن هو محترم في زمن الدولار وبأن كل
شيئ قابل للشراء حتى الحياة لن تعط بعد اليوم الا للذي يستطيع ان يدفع ثمنها

No comments:

Post a Comment