Translate

Saturday 16 March 2013

دراكولا القرن الواحد والعشرين



دراكولا القرن الواحد والعشرين
تحليل نفسي عميق لشخصية موجودة في حياتنا تعتاش على دماء ضحاياها، الدماء هنا ليست بمعناها المجرد سائلا احمر ،لا الدماء هنا حياة كاملة لاناس عايشوه وعانوا معه وبسبه اسودت الدنيا في اعينهم اكتبها فقط للعبرة لاوضح بهذه القصة حصاد الانسان عندما يبتعد عن الله
هذا الانسان هو انسان بسيط كان جل احلامة تأمين قوت عائلته مسرور فرح يعمل بجد ونشاط يقدس البيت والعمل يحفظ يوم الرب ويقدس يومه ويعمل بوصاياه الى ان انعم عليه الرب بعطايا كثيرة المال والبنون ساعتها بدأت المعاناة التي لم تنتهي لحد الآن
دراكولا القرن الواحد والعشرين اليوم يعيش شخصيتين منفصلتين لكل واحدة منها مزاياها، شخصية ارضية تهتم بالارضيات وشخصية سماوية ان صح التعبير تلهث لأن تتشبه بخالقها وتطيع وصاياه، بين هاتين الشخصيتين اضاع دراكولا الكثير في طريقه اليهما وتسبب بأذى الكثيرين ايضا وهو اما يدري او لا يدري لن استطيع الحكم عليه فلربما كان مريضا وبحاجة الى علاج يرفض اتباعه
في الشخصية الاولى التي تولي الارضيات اهتماما كبيرا يلبس دراكولا قناعا مزيفا مخالفا لطبيعته التي نشأ عليها وذلك ارضاء لمن تشاركه ارضياته وتغذيها، ففي هذه المرحلة يكره دراكولا الضحية الاخرى التي تمثل بالنسبة اليه ارضاء يسوع المسيح في التصرف (سنأتي على ذكر كل شخصية ونتناولها بعمق ونحاول شرحها وتفسيرها)
عندما يتقمص دراكولا شخصية الرجل الارضي الذي يحب الملذات والسفر والسهر والدماغ الذي لا يشغله هم اي الهروب من الواقع يكره الشخصية الاخرى ولا يعود الى مكالمتها ويحاول بشتى الطرق تحطيمها من خلال تصرفات جاحدة فهو هنا لا يألو جهدا في سبيل ذلك فيوهم المرأة الاخرى اي الارضية بأنه يعشقها وبأن الدنيا لا تتسع لسروره بها ويصرف في سبيل ذلك الآلاف وذلك في شراء المجوهرات والسفر والهدايا الثمينة ويجعلها تظن نفسها ملكة قرطاجة وهي ايضا لا تقصر في ايهامه بأنه سيد زمانه وذلك لابتزازه اكثر فأكثر في دوره هنا يأذي دراكولا كثيرا من حوله ممن يصنفهم في الناحية الاخرى التي لا يحب تذكرها وهو في هذه الحياة الرغيدة ، يمعن في اذلالهم وذلك تعبيرا عن سخطه لهم لأنهم يذكرونه في حقبة لا يريد تذكرها لأنه ان تذكرها وهو في هذه الحياة تألم كثيرا لعلمه بأن حياته هذه ليست سوية ولكنه يتجاهل صوت ضميره ويسكته ويسكر في غيبوبة ناعمة جميلة فترة يحددها الضمير الذي لا يتعب من التحذير ودراكولا لا يتعب من اسكاته بشتى الطرق، الى أن يحين موعد استيقاظه من كبوته هذه ، فتراه ينقلب 180 درجة دون غلو ولا تكبير لحادثة فيبدأ بتجاهل المرأة الارضية تجاهلا تاما ويسمعها من العبارات ما يشيب لها شعر الرضيع وذلك بأن يوهمها بأن حياته جحيما وبأن الله لا يرضي عن تصرفاته هذه وبأنه مزمع على ارضائه بشتى الطرق ويسعى الى ذلك بأن يزور اصحاب الشأن ويطلب مشورتهم ويجبر نفسه على سماعها وتنفيذها بالحرف الواحد وذلك ضمن خطة متكاملة لايقاع المرأة الثانية التي يصنفها في دائرة السماويات ويسعى لكسبها في هذه الطريقة التي يسميها طريق التوبة وطلب المسامحة ، فيتصل بها ويرجوها بأن تمسك بيده وبأن لا تتركها وتساعده في سبيل تقربه من الله سبحانه تعالى ويعترف لها بأخطاء تشيب شعر الملوك وابليس ، ويقر بذنوب يعجز عن فهمها ابليس ويكرر له بأن يخاف الله تصوروا بأن ابليس يطلب منه مخافة الله لفظاعة ما اقترفت يداه،
يسخر دراكولا للمسرحية الجديدة التي ينوي لعبها ببطولة منفردة كل طاقاته وكل ما اكتسب من حيل الارضيات والاعيبها ويستدر شفقتها ويوهمها بأنه تائب لدرجة تصبح معها عاجزة ان تعاتبه لايمانها بأن الله لا يغفر لها زلة ان لم تغفر هي زلات الآخرين لها وتتذكر قوله تعالى بأن لا تدينوا لكي لا تدانوا فتطبق هاتان الايتان وتمد له يدها للمساعدة بعد ان تتحصل منه على يمين بالانجيل حلفه بأن هذه الطريق الصعبه؛ سوف يمشي بها ولو تتطلب منه الموت فيها فهو سيكون راضيا لأنه مات وهو يجاهد ويحاول ارضاء الله، تصدقه للاسف الشديد وتفتح له ذراعيها وقلبها وتسكنه صدر البيت وتأذن له بترؤس البيت والحياة، وهنا دراكولا ايضا لا يألو جهدا في اقناع هذه المرأة بأنه انسان سوي يعشق الحياة مع الله ويعشق حياة المنزل البسيطة ويبدأ بممارسة افعاله التي تغذي وتقوي مراده بأن يعيش الحياة التي ناداه اليها ضميره الذي لا يسكت ويبدأ بالمغامرة الرهيبة فيدخل الى حياة هذه المرأة من خلال ما ينقصها من جراء ظلمه لها فيشتري كل شيء في سبيل التعبير عن نواياه الصادقة وايضا يصرف المال الكثير وفجأة يقف في نصف الطريق ليعود ادراجه ويبرم 180 درجة كاملة فيبدأ بالتصرف القذر الذي يتقنه فيبتعد شيئا فشيئا عن حياتها فيقلل من اتصالاته ويجلس في العتمة ليحضر لها سيفا يطعنها به فيبدأ في ايجاد الاعذار لذلك بأن يوهمها بأنها قاسية وبأنها لا تعامله باحترام وبأنها تكتب كتابات تشعره بالسكاكين تمزق قلبه وبأنها قد خربت البيت على ساكنيه وبأنها السبب في كل ما حصل سابقا وما سيحصل لاحقا وبأنها الام الغولة فيتهمها بخراب البيت ليعود ويقول لها كلمات نابية بأنها تملك رأسا فارغا لا تستعمله وهي المرأة التي تحمل ما لا تستطيع الرجال حمله وتنوء تحته فهي من تحملته فقيرا حتى اغتنى وعندما انعم الله عليه رماها، وهي من تحملت صدماته المتكررة وغفرت بدل المرة الف وفي كل مرة تنال نصيبها من الاهانات والتهكم، وكل ذلك لأن دراكولا القرن الواحد والعشرين يريد الرجوع الى المرأه الارضية فيفعل السبل ذاتهاوالافعال ذاتها فيشتم المرأة التي تلتصق بالسماويات بالنسبة اليه وهي وسيلة حسب اعتقاده لارضاء الله ويزحف نحو الاخرى طالبا المغفرة وموهما اياها بأنها الوحيدة على عرش قلبه
يبقى دراكولا في هذا التصرف بين هذه وتلك فترات كبيرة مستغلا بذلك حاجة كل واحدة حسب تقديره ممعنا في الاذى لكلتيهما، وهو يتنقل ويلعب على الحبلين تارة بالنظر الى فوق وطورا بالنظر الى تحت وما بينهما جمهرة من الناس تلقى عذابا لا يوصف وهو يتباهى بفعلته كل مرة ويجد لها التبريرات ليسعد نفسه ويبقى على ذلك الى يوم يصدم أن كلتا المرأتين قد كشفتاه واتفقتا بدون ان تلتقيا على ان تلقناه درسا لن ينساه ما حيا ويتعلم من قصته الناس اجمعين حين سماعه، فهو عند استعداه كما كل مرة الى الميل نحو واحدة وشتم الاخرى رفضته من ذهب اليها يشكو غرامة وقلقه وعدم راحته فلم ينصدم بل قام بالتفافة كاملة نحو الاخرى فعاملته بمثل ما عاملته الاولى فصدم حاول ان يرجع الى هذه فلم يفلح والى تلك ولم يفلح ضاقت ايامه واسودت لياليه واخذ يشكو الوحدة والالم ولكن لم يسمعه احد ولم يرث لحاله احد لأن كل الناس يئست من تصرفاته وقرفت منه، لم ينفعه ماله ولم تسعفه بهلوناته ولعبه على الحبال هذه المرة بأن يصطاد احداهن لأن صيته كان قد سبقه فهرب منه الجميع حتى اقرب المقربين الذين خافوا على حياتهم منه فسقط ارضا منهكا من المرض والتعب والنبذ وسقط صريع المرض النفسي والجسدي فرمي في احد المصحات وبقي هناك دون رفيق ولا زائر ولا قريب لأنه في برماته والتفافاته قد قتلهم جميعا بلامبالته وباذاه المرير وبتصرفاته الرعناء الغير مسؤولة فقتل فيهم كل رحمة اتجاهه وقتل فيهم كل حب كان ليستحقه لولا افعاله، قتل نفسه وهو حيا لأن الموت حيا اصعب بكثير من الموت حقيقة وانتهى به الامر اخيرا الى ان اسلم الروح وحيدا دون توبة ودون معرفة الله لأنه في اواخر ايامه اصبح غير مدرك لشيء مستسلما للحزن واليأس وهذه علامات من علامات سيطرة الشرير على نفسه ومن سلم نفسه للشرير حيا بارادته اسلم روحه بغير ارادته وذهب باتجاه الجحيم وضاعت نفسه وهامت على ضفاف نهر النار في جهنم وسبحت في براكين الالم الذي سببه للناس وهو حي وذاقت نفسه انواع العذابات الجهنمية التي يخبرنا عنها الكتاب المقدس وينهينا عن فعل ما يوصلنا اليها ولكن دراكولا ادرك ذلك متأخرا، ولم يحس الا والنار قد بدأت بحرق جسده ونفسه معا وتمنى لو انه يعود للحياة ولو دقيقتين ليتوب عن افعاله وليطلب الصفح والغفران عما فعلت يداه ولكن هيهات بعد الموت من رجوع فوقت التوبة هو في الحياة وليس في الممات فمن ادرك ذلك حيا انقذ نفسه وربح الحياة مع المسيح ومن انكر ذلك وتلهى في الارضيات خسر نفسه وخسر الفردوس
سردت هذه القصة وكل قصدي ان ابرهن كيف يتلهى الانسان في الحياة وكيف ان المادة احيانا التي تكون نعمة من السماء لنا قد تسهم في تدميرنا ان اسأنا استعمالها فالله عندما منح دراكولا المال منح اياه ليربي بها عائلته ويصرف منها على حاجاته ويساعد بواسطتها الفقراء والمحتاجين دون سؤال ولكنه لم يفعل الا تبديدها على ملذاته والقليل القليل الذي صرفه على فعل الخير ان وجد لم يستطع ان يوازن بين اعماله فغلب الشر فعل الخير فهو في حياته قد كآن بارا بوالديه ولكن هذا البر لم يزن الكثير لأن الشر كان اكثر ولأن انانيته وشره كانا اقوى من نفس الخير الذي يحويه جسده
كل منا سينتهي نفس النهاية ان لم ينتبه فالحياة قصيرة جدامهما طالت ولا تكفي ايامها للملل او السهو فنحن بحاجة الى كل دقيقة بل الى كل ثانية منها لنجاهد ولنطلب العون لأننا وحدنا عاجزين عن القيام بما يتطلب
قصة من خبرات الحياة عسى ان تكون مفيدة ومعبرة ودافعا قويا لمن ينوي ان يرمي العالم وراء ظهره ويلتفت نهو الله باسطا يديه جاثيا على ركبتيه مغمضا عينيه حانيا بكل تواضع ساجدا شاكرا محدتا بنعمة الله عاملا بها طالبا معونته

No comments:

Post a Comment